ففي مشاريع ريادة الأعمال يكون هدفنا النهائي دوما هو الوصول إلى ملاءمة المنتج للسوق Product - Market fit . هذه الملاءمة تكون هي الخطوة الأساسية قبل تمويل المشروع أو تكبيره. وهو مهم في مختلف أنواع ريادة الأعمال سواء كانت مشاريع التجارة الألكترونية أو مشاريع الريادة الاجتماعية أو غيرها. ولذلك وعلينا تركيز جهدنا في التأكد من الوصول إليه حتى إن اضطررنا إلى تغيير منتجنا أو شرائحنا المستهدفة أو تغييرهما معا. 

ملاءمة المنتج والسوق تعني أن المنتج قد نجح في ملامسة احتياجات الجمهور المستهدف. وهو تعني أيضا أنك تمكنت من الربط بين المنتج المناسب والعميل المناسب. فالمنتج المناسب لوحده لا يكفي لنجاح مشروعك، كما أن وجود احتياج لدى العميل لا يكفي أيضا. ما عليك فعله هو أن تربطهما سويا. فبحسب الدراسات التي أجريت على المشاريع الريادية الفاشلة، تبين أن عدم  وجود الاحتياج لمنتجك (الفشل في الوصول للملاءمة) هو أهم سبب لفشل المشاريع الريادية.

أسباب فشل المشاريع الريادية 

يجب العمل دوما على القيام بالتجارب على كل من المنتج والعملاء لاختبار هذه الملاءمة. ويجب الحذر من المتابعة في المشروع أو تطبيق خطة لاختراق النمو إن فشلت في تحقيق هذه الملائمة. فهي علامة خطرة يجب عدم تجاهلها. حتى أن الكثير من المستثمرين والحاضنات تضعها كمعيار أساسي لقبول احتضان المشاريع الريادية لديهم أو الاستثمار فيها.

البحث والتجربة للوصول لهذه الملاءمة يحتاج للتحليل والإبداع لمعرفة البدائل الممكنة لتحسينه. كمثال على ذلك، شركة Nespresso كانت تخطط في البداية أن تقوم ببيع أجهزة النيسبريسو للشركات، وقامت ببناء نموذج عمل كامل يعتمد على ذلك. لكن الفكرة لم تنجح، وبعد الكثير من التخطيط قررت الشركة أن تستهدف المستهلكين وليس الشركات. وبناء على ذلك تم تغيير نموذج عملها ليتناسب مع الاستهداف الجديد، وبذلك حققت نجاحا كبيرا.

وكمثال آخر نذكر شركة Vimeo المنافسة لـ YouTube . فهي تقدم خدمة رفع الفيديوهات ونشرها. لكنها لم تتمكن من الصمود أمام المنافسة الشرسة من اليوتيوب. وللتغلب على هذه المنافسة بحثت عن شريحة جديدة من العملاء لتقوم بالتركيزعليها في منتجاتها . هكذا وجدت فيميو أن الأنسب لها هو التركيز على قطاع الشركات B2B. يعني ذلك أن تقوم فيميو بتزويد الشركات بخدمة رفع الفيديوهات (على موقعها أو تطبيقها) ليقوم عملاء الشركة بتصفح هذه الفيديوهات. لتتمكن فيميو من النجاح في ذلك، عليها أن تقوم بالاستماع لمشاكل الشركات وما يعانونه عند رفع الفيديوهات على موقعهم (خاصة عندما يستخدمون اليوتيوب). بالنتيجة قامت فيميو بتوفير خيارات تحكم في الفيديوهات مناسبة للشركات (عن طريق APIs) وبشكل أفضل بكثير مما تقدمه يوتيوب. ذلك أتاح ملاءمة أفضل بين منتج فيميو والسوق المستهدف الجديد.

قبل أن نبدأ بالتجارب على الشرائح المستهدفة، علينا أن نبدأ بوضع الافتراضات عنها. قد تكون مثلا:

  • ماهي أعمار المستخدمين الذين "يفترض" أن يعجبهم منتجنا؟
  • ماهي احتياجات العملاء التي سيحلها المنتج لهم؟
  • ماهي الشخصيات Personas التي ستقوم بشراء المنتج؟
  • ماهي مواصفات الشركات التي سنبيعها المنتج؟

بعد وضع الافتراضات، علينا أن نبدأ بالتجارب. قد تتم هذه التجارب على شكل مقابلات أو اتصالات أو أي شكل آخر. الأهم هو أن نحصل على حقائق لنتمكن من البناء عليها. حقائق Facts وليس افتراضات Assupmtions . وبناء على نتيجة الاختبارات نقوم بتحديث شرائح العملاء التي سنستهدفها. كلما قمنا بالتجارب (المقابلات مع العملاء مثلا) أثناء وجود منتج حقيقي أو نموذج أولي أو MVP فإن ذلك يزيد من موثوقية النتائج، فالعميل سيعطيك رأيه بناء على تجربة حقيقية وليس بناء على تصور تخيلي أنا عن شكل المنتج.

فسؤال: "كيف سيكون رأيك لو وفرنا لك تطبيقا إلكترونيا بقوم بكذا وكذا؟"، ستختلف إجابته كثيرا عما لو كان التطبيق موجودا فعلا، وسألت المستخدم: "ما رأيك بهذا البرنامج الذي يقوم بكذا وكذا؟". 

بعد الانتهاء من التجارب قد نضطر للعودة والتعديل على المنتج ثم العودة واختباره مع العملاء. سنستمر بذلك إلى أن نصل في النهاية إلى ملاءمة المنتج للسوق Product- Market fit . وعند الوصول لهذه المرحلة، نكون قد تجاوزنا مرحلة التنقيب عن العملاء Customer Discovery . 

لتبدأ بعدها مرحلة جديدة من التجارب ضمن خطوة توثيق العملاء Customer Validation والتي تعني أن نتأكد من قدرتنا على بناء نموذج عمل مربح قابل للتكرار والتكبير.