يركز مفهوم اخـتراق النمو بشكل أساسـي على زيادة عدد العملاء والمستخدمين لمشروعك. لذلك فهو يستخدم أدواتٍ غيـر تقليدية من خارج الصندوق تساعد الشركات الناشئة على التسويق السريع لخدماتها و منتجاتها بأقل تكلفة ممكنة.

لا تتطلب المشاريع الريادية تنفيذ كافّة مهام التسويق التقليدية، إذ أن نجاحها ينصبُّ في المرحلة الأولى على تحقيق شيء واحد، وهو «النمو». فيما تكتسب العناصر التسويقية الأخرى مثل التموضُع Positioning وإدارة العلاقات Relationship Management والعلامة التجارية Branding أهميةً أكـبر مع مرور الوقت ونضوج المشروع. ومن هنا بدأ البحث عن مصطلح جديد يركّز على عنصر «النمو».

أصل مصطلح هكر النمو

في عام ٢٠١٠ كان شون إليس أحد عمالقة وادي السيلكون في النمو يبحث عن شخص يتولى مهمة تكـبير أحد المشاريع الريادية بزيادة عدد مستخدميه. وكان يبحث عن المسمى الأفضل لما سيقوم به هذا الشخص. عندها كتب في تدوينته بأنه يبحث عن شخصٍ ليقوم بـ Growth Hacking أو اخـتراق النمو(هكر النمو). 

منذ ذلك الوقت بدأ استخدام هذا المصطلح Growth Hacking  للإشارة إلى «التسويق للمشاريع الريادية».

أمثلة على تسويق منتجات باستعمال هكر النمو

لشرح ال Growth hacking بشكل مبسط سنذكر بعض الشركات الناشئة التي نجحت في استخدام هذه التقنية لتحصل على أعلى معدلات النمو في وقت قياسي.

اختراق النمو عند Hotmail:


2.png

هل تذكر موقع هوتميل Hotmail الذي كان أحد أوائل المواقع التي توفر خدمة البريد الإلكتروني المجانية؟ هل تعرف ما هي الحملة التسويقية التي قام بها الموقع والتي جعلته ينتشر بشكل ضخم لدرجة أن معظم من استخدم الحاسب الآلي في بداياته كان لديه حساب بريد إلكتروني على Hotmail؟

في الحقيقة، لم تنفذ إدارة Hotmail أي حملة تسويقية، كما أنها لم تصرف قرشاً واحداً للترويج لمنتجها، ولكنها كانت تكتب في نهاية كل بريد ترسله لشخصٍ آخر، عبارةً إضافية تقول:

”ملاحظة: أنا أحبك، بإمكانك الحصول على بريدٍ مجاني من هوتميل “ 

مع رابطٍ للتسجيل بحسابٍ جديدٍ في الخدمة. كانت هذه العبارة كفيلةً بتغيير مجرى هوتميل، ومكّنت الشركة من الاستحواذ على قرابة مِليونَي مستخدمٍ جديدٍ في ٧ أشهرٍ فقط! 

اختراق النمو عند امازون

ولطالما رفضت شركة أمازون القيام بأي حملاتٍ تسويقيةٍ في بداية حياتها، وكانت تستخدم المبلغ المالي الذي ادخرته من الحملات في توفـير مـيزة الشحن المجانيّ للطلبيات. أدّت هذه الخدمة إلى نمو ولاء عملائها الأوائل وللتسويق لها من خلال الكلمة الطيبة Word of Mouth، كما أنها استخدمت تكتيك المكافأة عند دعوة الأصدقاء للتبضّع من أمازون، بإهداء كوبون بمبلغ ٥ دولار أمريكي للعميل القديم والجديد.

اختراق النمو Dropbox:


3.png

على نفس المنوال، لم تقم شركة الدروبوكس Dropbox بالكـثير من الحملات، ولكنها كانت تكافئ كل مستخدمٍ يدعو صديقه للتسجيل في المنصة بمساحة تخزينيّة سحابيةٍ محددةٍ إضافيةٍ (٢٥٠ ميغابايت مثلاً). وهكذا دفعت الشركة، بالقليل من المال والكـثير من الحِنكة والذكاء، بعملاءها للتسويق لها بدلاً عنها طمعاً بالمكافأة. وبالتالي تمكّنت شركة دروبوكس من النمو من ١٠٠ ألف مشترك عند الإطلاق إلى ٤ مليون مشترك في ١٤ شهر فقط!!

 

هذه الأمثلة وغيرها لم تَستخدم أدوات التسويق التقليدية، ولكنّها تمت بجهدٍ وتفكـيرٍ غـير تقليدي إضافةً لعملٍ تقني احترافيٍّ لبناء أدواتٍ بإمكانها تنفيذ عملية اخـتراق نمو ناجـحٍ وزيادة عدد المستخدمين بشكل كـبير.

طرق التسويق الناجحة: كيف تطبق ال Growth Hacking؟

بالرغم من أن هذه الطرق قد تزيد حماستك و تلهب رغبتك في تطبيق تقنيات هكر نمو مشابهة و تكبير مشروعك، إلا أن عليك التريث قليلا قبل بذل الوقت و الجهد لتطبيقها. 

يجب أن تعي أمرا مهما جدا:

تطبيقك لطرق هكر النمو في مرحلة مبكرة، أي دون استعداد شركتك الناشئة لها بعد، سيفضي بك لنتيجة عكسية قد تصيبك بالخيبة; لن تتمكن من تحقيق النمو المرغوب، بل قد تتفوه بترهات من قبيل: "اختراق النمو لا يأتي بنتيجة، لا بد من وجود طريقة أخرى لا يطلعوننا عليها"

إن لم تحقق نتائج جيدة بعد تطبيق هكر النمو، فهذا يعني أمرا من اثنين  أو هما معا: 

  1. منتجك ليس جيدا كفاية و لا يقدم أي قيمة مضافة للعملاء. 
  2. تطبيقك لتقنيات هكر النمو اتسم بالعشوائية و لم يكن احترافيا. 

ما الحل اذن؟

في ما يلي سنقدم  نصائح عملية لتجنب الوقوع ضحية هاتين فرضية. لنبدأ بكيفية تجنب الحالة الأولى:

كيف تحصل على تقييم حقيقي لمنتجك 

عند إطلاقك لمشروعك الريادي ستبدأ بنشره وتسويقه بشكل محدود لتحصل على عدد مناسب من الزوار بهدف تجربة منتجك، لتقوم بتطويره تدريجياًّ بناء على ملاحظاتهم. تطوير المنتج التدريجي هو أحد السمات الهامة في المشاريع الريادية، فالمشروع الريادي يطلق عادة قبل اكتماله. وينتقل رائد الأعمال من التسويق المحدود إلى اخـتراق النموّ عندما يصل إلى مُلاءمة المنتج للسوق Product-Market fit. 

التركـيز على اخـتراق النموّ قبل وصولك إلى هذه الملاءمة سيكون هدراً كـبيراً في جهدك وميزانيتك. أما إن وصلت إلى هذه الملاءمة عند عدد كافٍ من عملائك، فهذا يعني أن منتجك هو منتج «يجب الحصول عليه». 

توجد طريقة سهلة نسبيا لتقييم منتجك، تتمثل في طرح سؤال واحد على عملائك أو متابعيك. و هي تتمثل في استبانة اقترحها شون إيليس Sean Ellis عليك أن ترسلها لعدد كافٍ من عملائك. تحوي هذه الاستبانة على سؤال هام واحد فقط، وهو:

كيف ستشعر إن لم يكن بإمكانك استخدام [اسم المنتج] بعد اليوم؟

  1. مستاء جداًّ.

  2. مستاء قليلاً.

  3. لن أشعر بالاستياء (فهو لم يقدم الفائدة المرجوّة).

  4. لا يمكنني الإجابة (فأنا لا استخدم المنتج أساساً).

وليكون منتجك منتجاً «يجب الحصول عليه» (بحسب شون) فإنه يجب أن تكون إجابة ٤٠٪ فأكـثر من عملائك هي «مستاء جداًّ» (حصل شون على رقم ٤٠٪ بعد دراسته لعدد كـبير من المشاريع الريادية). إن كانت نسبة الإجابات أقل من ٤٠٪ فعليك أن تعود لتطوير منتجك وتقوم بالمزيد من التجارب بهدف الوصول إلى ملاءمة المنتج للسوق. 

في المقال القادم سنتعرف على كيفية تطبيق خطوات هكر النمو بالطريقة الصحيحة لتجنب الفرضية الثانية: تطبيقك لتقنيات هكر النمو اتسم بالعشوائية و لم يكن احترافيا.