لقد قضيت حوالي تسع سنوات أعمل كمستقل، وخلال هذا الوقت كنت موفقًّا للغاية لتمكُّني من مساعدة العديد من الزملاء على اتخاذ خطوتهم المقبلة نحو العمل الحر ومشاركة المزايا العديدة لهذه الطريقة في العمل مع الشركات ورواد الأعمال، إلى أن صرت واحدًا منهم.

في بعض الأحيان، عندما أتحدث إلى الأشخاص الذين يميلون إلى العمل المستقل، أجدهم يواجهون نفس الشكوك والمخاوف التي غالبًا ما تمنعهم من اتخاذ خطوتهم المقبلة، وهي تشبه الشكوك والمخاوف التي كنت أنا نفسي قد تعرّضت لها عندما بدأت العمل في هذا القطاع. لكن وبفضلٍ من الله، عندما يكون لدينا القدرة على الالتزام والأدوات المناسبة للبدء؛ ندرك أن معظم هذه المخاوف لا أساس لها من الصحة على أرض الواقع.

واليوم، سأتولّى ذكر بعض المخاوف الأكثر شيوعًا التي تنشأ عند الإقبال على العمل المستقل وكيف يمكننا التغلب عليها لكي نركز على العمل عن بعد بشكلٍ أكثر فعالية وتنوعًا وفائدة للجميع.

للتغلب على كل هذه المخاوف، سأذكر هنا عشر خطوات مضمونة بحيث يكون دخولك إلى العالم المستقل - سواء كموظف فريلانسر أو كعميل – خاليًا من المخاوف غير المتوقعة.

أولا المخاوف الخمسة الأكثر شيوعًا لدى المستقلين (وكيفية التغلُّب عليها)

1.المشاريع التي لا تحقق أي تقدُّم

قد تكون سمعت عدة مرات أن المستقلين يواجهون سيناريو مثبّط للهمم من وقت لآخر: فَهُم يبدؤون العمل على مشاريع “شبحية" تبدو للوهلة الأولى واعدة للغاية، ولكنها تتوقف فيما بعد، أو تصل إلى منتصف الطريق، أو ببساطة يفتقدون القدر الكافي من جدية العميل لتحقيق نتيجة جيدة.

والمشكلة هي أنه، في غضون ذلك، تم بالفعل استثمار قدر كبير من الوقت والجهد فيها. وهذا محبط للغاية، أليس كذلك؟ لكن على الرغم من أن بعض المشاريع المستقلة غير مجدية، فإن ذلك لا يعني أن هذا هو الواقع أو أنه من المستحيل إيجاد وتحديد العديد من الفرص التي ستتحقق.

السبب الحقيقي لهذا الخوف الذي لا أساس له لا يتمثل في أن العمل المستقل هو في حد ذاته أقل خطورة أو أقل أمنًا، ولكن في أن القنوات التي يتم من خلالها إبرام الاتفاقات ليست دائما هي القنوات الأكثر رسمية. لحسن الحظ، هناك منصات رقمية تهتم على وجه التحديد بحمايتك وحماية عملك.

هل تعلم مثلًا أن عملاء موقع فريلانسر نشروا 436 ألف وظيفة خلال الربع الرابع من عام 2019؟ وعلى المستوى العربي، بلغت المشاريع المفتوحة على منصة مستقل للعمل الحر أكثر من 1000 مشروع في أول أسبوعين من فبراير 2020.

في أي مكان من منصات العمل الحر، ستجد مجموعة كبيرة من فرص التوظيف لتختار المشاريع التي تهمك أكثر والتي تناسب ملفك الشخصي المهني، والأفضل من ذلك كله، هو أن الشيء الوحيد الذي يجب عليك استثماره هو الوقت المناسب لإعداد عرض عمل ممتاز تقدمه للعميل.

إذا لم يكتمل المشروع أو لم يتم اختيارك، فلا تقلق! هناك العديد من الخيارات الأخرى، وإذا اختارك العميل؛ فيمكنك التأكد من ضمان كامل حقوقك من خلال منصات العمل الحر التي تقوم بدور الوسيط بينك وبين العميل.

2.عدم تقاضى أجرك (أو أن تستغرق وقتًا طويلًا للحصول على مدفوعاتك)

بالحديث عن المدفوعات، هناك خوف طبيعي آخر يقلق المهنيين سواء الذين يرغبون في البدء في العمل بشكل مستقل أو الذين بدأوا بالفعل، وهو على وجه التحديد موضوع المال. كيف تتأكد من أن العملاء سيدفعون لك في الوقت المناسب وبالطريقة التي اتفقتم عليها؟ كيف يمكننا حماية أنفسنا إذا قرر العميل ببساطة أن يختفي بعد أن نرسل ملف المشروع النهائي؟

هذا الخوف منطقي للغاية. ولسوء الحظ، كثيًرا ما يحدث ذلك في عالم العمل الحر الذي لا يعتمد على المنصات وإنما على كلا الطرفين فقط من دون وسيط، ويرجع ذلك إلى أن العديد من الاتفاقات المبرمة تتم بالقول وحسن النية فقط، دون عقود أو شروط تُلزم كلا الطرفين بالامتثال للاتفاق. العمل بهذه الطريقة ليس ذكيًا لأنك قد تواجه بعض المخاطر، مثل الاضطرار إلى إضاعة الكثير من الوقت في ملاحقة المدفوعات أو حتى البقاء لفترات طويلة لتحصيلها.

إذا كنت ترغب في العمل والنوم بسلام، فإن أفضل حل لك هو العمل عبر المنصات الشرعية التي تقدم نظام ضمان الدفع. الأمر في غاية البساطة: يجب على العميل إيداع المبلغ المتفق عليه للمشروع قبل البدء في العمل عليه وبمجرد تسليمه، يتم إضافة الأموال على حسابك. وبهذه الطريقة، تتم حماية جميع الأطراف.

3.إجراء عشرات التغييرات والتعديلات في اللحظة الأخيرة

تغييرات اللحظة الأخيرة هي كابوس المهنيين والمستقلين الذين يعملون في مجال يتعلَّق بالعمل الإبداعي، مثل التصميم والكتابة والتسويق... إلخ. إن إجراء بعض التعديلات أو التحسينات التي تتوافق مع ما هو منصوص عليه هو أمر مقبول بل ويطلبه المستقل نفسه في بعض الأحيان ليضمن رضا العملاء، لكن ما هو غير مقبول أن العميل يطلب منك تسليم عملً مختلف تمامًا (وأكثر تعقيدًا في كثير من الأحيان) عن الاتفاق المُبرم في البداية، وبنفس السعر.

كيف نتجنب هذا؟ الأمر في غاية البساطة، استخدم منصة تدعم جميع الاتفاقيات وكن محددًا للغاية في اقتراحك فيما يتعلق بالمنتج النهائي الذي سيتم تسليمه والتغييرات أو التعديلات التي تدخل في الاتفاقية والتي لا تدخل فيها. إذا كنت تعمل بهذه الطريقة ونشأ أيّ خلاف، فلديك الأدلة والدعم الكامل الذي تقدمه منصات العمل الحر.

4.الغموض الوظيفي في العمل الحر

وكما أن العمل عن بعد له العديد من المزايا، فمن الصحيح أيضًا أنه لا يعتمد عادة على بعض الميزات الكلاسيكية للعمل الثابت في أي شركة أو جهة. وتتمثل أكبر المخاوف في "التخلِّي" عن الراتب الشهري الثابت وبعض الأمور الأخرى مثل الضمان الاجتماعي وما شابه.

من الطبيعي تمامًا أن تشعر بعدم الأمان لتخلّيك عن ضمان الراتب، ولكن عليك أيضًا أن تضع في اعتبارك أن نمط حياة المستقل يسمح لك بتوسيع آفاقك كثيرًا وزيادة الأموال التي يمكنك كسبها مقابل عملك بشكل كبير. وفيما يتعلق بموضوع الضمان الاجتماعي، فإن الواقع هو أنه عبارة عن شيء تدفعه من جيبك الخاص (على الأقل جزء منه) على الرغم من أنك تعمل لصالح شركة، ولكن عادة ما يتم تطبيق ذلك على خصومات الرواتب ونحن عادة لا نضع الكثير من الاهتمام لها.

إذا كنت تهتم بإنجاز الأمور بشكل صحيح، وتعاملت مع مجموعة قوية من العملاء وتبذل قصارى جهدك دائمًا في كل مشروع، فإنني أؤكد لك أن دخلك، مهما كان متغيرًا، سيكون كافيًا لطمأنتك. ويمكنك الاختيار من بين العديد من خيارات الادخار وتخصيص مصروفات للرعاية الصحية، وأي شيء آخر كان من الممكن تحقيقه وأنت في أكبر شركة في مجالك.

5.العملاء صعبي المراس

إن كنت لا تعرفهم، فإنهم أولئك العملاء الذين لا يعجبهم أي شيء و رغم ذلك يجب أن يضل وجه المستقل مشرقًا! على الرغم من أنهم أقلية، إلَّا أنهم موجودون، ولكن لا تدعهم يخيفونك أو يثبطونك، هناك طرق فعالة للغاية لتجنبهم، وإذا لزم الأمر، للتعامل معهم – بمعاملة هادئة حسنة - دون أن تتعصب.

عند العمل من خلال منصات العمل الحر، فأنت محميّ إذا حدث خطأ ما مع عميلك، ليس فقط لأن المنصة تضمن حقك في جعل العميل يدفع كامل المبلغ قبل البدء في المشروع واحتجازه لحين الاستلام، ولكن أيضا إذا ارتكب الطرف الآخر انتهاكًا أو خرقًا للاتفاق أو شرع يضيف الأعباء على المستقلين، فمن الممكن دائمًا اللجوء إلى مركز النزاعات في تلك المنصات حتى يتمكنوا من دعمك بناءً على الأدلة التي تملكها. بالإضافة إلى ذلك، تسمح لك منصات العمل الحر أيضًا بتقييم العميل وكيف كانت تجربتك مع أصحاب العمل وكم يستحقونه من النجوم.

ثانيا المخاوف الخمسة الأكثر شيوعًا لدى العملاء (وكيفية التغلُّب عليها)

1.  توظيف مستقل بمهارات أدنى من التي ادّعى امتلاكها

إنّ المخاوف الوهمية (وغير الوهمية) في عالم العمل الحر لا تهاجم المستقلين فحسب، بل تهاجم أيضًا الشركات ورجال الأعمال الراغبين في البدء في الانتقال إلى نموذج عمل أكثر مرونة، ويواجهون الشكوك والمخاوف التي تمنعهم في كثير من الأحيان من الثقة بنسبة 100% في المواهب المستقلة.

أحد هذه المخاوف هو سيناريو أن ينتهي الأمر بتوظيف مستقل لا يمتلك جميع المهارات اللازمة للمشروع. كيف نتأكد من أن المستقل لديه كل الخبرة التي يدعي أنه يمتلكها؟ هناك عدة طرق يمكنك من خلالها، أولًا وقبل كل شيء، ينبغي أن تطلب منه الاطلاع على معرض أعماله السابقة التي أنجزها بنجاح أو البورتفوليو. ومع ذلك، فتأتي هنا صعوبة إثبات ما إذا كان هذا هو عمله حقًّا، كما أن مهمة البحث عن المراجع والتوصيات يمكن أن تكون شاقة للغاية.

يتمتع عملاء منصات العمل الحر بميزة كبيرة في هذا الصدد، وهي: أنه يمكنهم رؤية الآراء والتقييمات التي تركها العملاء الآخرون للمستقلين على حساباتهم، وذلك كي يتمكنوا من الدفع مقابل العمل الجيد وتوظيف حليف يتمتع بسمعة ممتازة.

2.المستقل الذي لا يهتم كثيرًا بالمشروع

هناك أسطورة مفادها أن المستقلين لا يكترثون للمشاريع وغالبًا لا يلتزمون بالموعد النهائي، أو لا يهتمون كثيرًا بالجودة، والسبب ببساطة أن العملاء “يَجيئونَ ويَذْهبون". لا شيء يمكن أن يكون أبعد من الحقيقة مثل هذه الخرافة.

فالواقع أن العديد من الشركات الهامة لم تبدأ عملها بموظفين مستقلين فحسب، بل إنها أيضًا أكثر من راضية عن عمل هؤلاء المهنيين. علاوةٌ على ذلك، يمكنك من خلال منصات العمل الحر التأكد من أن المستقل سيسلم لك المشروع في الوقت المحدد وبالشكل الذي أردته؛ لأن الأموال التي تم احتجازها من رصيدك كضمان للدفع لا يتم إيداعها في حسابه حتى تكون راضيًا لتقبل منه استلام المشروع.

فلم الخوف إذا كان هذا هو الحال؟

3.اختيار من لا يملك المواهب الكافية لإنجاز المشروع

عندما تبدأ شركة أو رائد أعمال في إنشاء مشاريعهم الأولى التي تعتمد على المستقلين، فإنها في أغلب الأحيان تكون محددة، وعادة ما تكون مهامًا متخصصة للغاية. لذلك هناك فكرة مفادها أنه من الضروري توظيف مستشار أو ربما عليك اللجوء إلى شركة متخصصة لأنه سيكون من الصعب عليك العثور على موظف مستقل يمتلك كل هذه المهارات.

والواقع أن أولئك الذين يعملون بشكل مستقل عادة ما يطورون مهارات أوسع نطاقًا وأكثر تنوعا في مجالهم من أولئك الموظفين الذين يقصرون أنفسهم على القيام بنفس الأنشطة مرارا وتكرارا لنفس الشركة كما هو الحال دائما.

من المرجح جدًا أن تجد كل ما تحتاجه في واحد من آلاف من المستقلين المسجلين على منصات العمل الحر، وعلى سبيل المثال لا الحصر، لدى منصة مستقل وحدها نحو 12 ألفًا من المستقلين، فما رأيك؟

4.عدم القدرة على اختيار أفضل مستقل

وبالحديث عن وجود العديد من المستقلين للاختيار من بينهم، ففي بعض الحالات يمكن أن تكون هذه العملية هي الأخرى مُشَوِّشَة ومُحيِّرَة. يمكنك التأكد من أن مشروعك سيبدأ في تلقي مقترحات المستقلين على الفور، ولكن كيف يمكنك العثور على الأفضل من بين العديد من المواهب والكثير من المقترحات الجيدة؟

ستجد إلى جانب نظام التقييمات لدى منصات العمل الحر، والذي يسمح لك في زيارة واحدة بالنظر إلى النجوم ومعرفة قدرات كل عامل مستقل بدقة وتقييمه، يمكنك الاعتماد على خبراء مركز المساعدة بتلك المنصات الذين يمكنهم مساعدتك في اختيار الموظف الذي لديه أفضل ملف شخصي لمشروعك.

5.  المستقل لا يسلم المشروع في الوقت المحدد وبالطريقة الصحيحة

وأخيرًا، يشعر العملاء الذين يفكرون في بدء العمل مع المستقلين عادة أن هذا النوع من المشاريع يتكرر فيه سيناريو تأخير التسليم إلى بعد الموعد النهائي المحدد. ولهذا السبب فإنهم غالبًا ما يختارون البحث عن موظف ثابت، مع جميع النفقات الإضافية التي يترتب عليها ذلك. أو، إذا لم يتم ذلك، يقومون بتوظيف المستقلين للمشاريع الثانوية التي لا ترتبط ارتباطًا وثيقًا بنمو الشركة.

يمكنك التأكد في منصات العمل الحر من أنك ستوظف موظفًا ملتزمًا لا يُقصِّر أبدًا. إن وجود أفضل المستقلين وأعلاهم تقييمًا على منصات العمل الحر من حيث "التسليم في الموعد" هو دليل على التزامهم بالمشروع، وأنهم أثبتوا مرارًا وتكرارًا من خلال عملهم أنهم خيار آمن.

لا تخف من البدء بالعمل مع المستقلين أو كمستقل. ولا تنس التعامل دومًا من خلال منصات العمل الحر للتغلب على مخاوفك من جذورها، ولمساعدتك على جعل كل خطوة في طريق النجاح أسهل وأكثر أمانًا لك.