تشترك المشاريع بكافة أنواعها  بهدف واحد عريض وهو الربح، وبدون ربح فإننا لا نطلق عليه مشروعا تجارياً. لذلك يجب علينا أن نقوم بناء شيء يحتاجه الناس بسعر يستطيعون شراءه، ويسلم لهم بطريقة ترضيهم، ويعود بربح كافي لمتابعة الإنتاج والتطوير

قد لا يكون الربح هو الغاية الأسمى من المشروع، لكنه شرط لازم لنطلق عليه اسم المشروع التجاري.

غياب الربح سيؤدي إلى الفشل, في الواقع  نسبة المشاريع الناجحة هي واحد من أصل عشرة على الأكثر.

السؤال الآن هو كيف نتجنب الفشل؟ ما  الذي ينبغي علينا إتقانه لضمان الربح؟

الجواب هو التخطيط الصحيح والمرن.

باختصار شديد الطريقة الوحيدة للفوز في السوق هي, أن نكون الأسرع من أي منافس لنا، ويتم ذلك بالبحث بسرعة عن أخطائنا وعدم تركها تكبر مع الزمن، وتحديد الأولويات في العمل واختيار أكثرها أهمية ومن ثم القيام بها والتركيز عليها. هكذا يعرف خبراء ريادة الأعمال التخطيط المرن. 

إن كنت ترغب بفهم هذه المنهجية بشكل أدق مع امثلة تطبيقية, يمكنك الاطلاع على دورة منصتنا في اللين ستارتب.

 

هذه المقالة ستجيب باختصار مفيد وعملي عن آلية وطريقة التخطيط ضمن المشاريع الناشئة, وهي المحطة الثامنة من سلسة "كيف أنقل فكرتي لمشروع تجاري مربح".

في المراحل السابقة:

 

  1. مرحلة توصيف الفكرة.
  2. الدراسة الأولية للسوق.
  3. بناء النموذج الأولي.
  4. إيجاد استراتيجية ونموذج التسعير بشكل أولي.
  5. الحصول على الزبائن التجريبيين
  6. دراسة تحديات عملية التسويق وإقناع الزبائن.
  7.  التعلم والتعديل والمرونة أثناء دخول السوق.

 

تعرفنا فيها عن كيفية الانتقال بخفة وسرعة لبناء مشروعنا التجاري بشكل أولي بسيط وغير مكلف, وتعلمنا كيف نلبي حاجة الزبائن الأوليين لتحسين الإنتاج وسير العمل.

وقد وصلنا الآن لمرحلة متقدمة وهي أن المنتج الأولي أصبح قيد الاستخدام وتم إثبات الفرضيات التي وضعناها سابقا عن وجود حاجة في السوق ومنتجنا يلبي هذه الحاجة بالسعر المعقول.

كنتيجة مباشرة نحن الآن جاهزين للإقلاع بمشروعنا التجاري ليكون مربحا حقا, لكن كلمة إقلاع تعني التخطيط والتنفيذ حسب الخطة مع التحلي بالمرونة والتكيف في وجه المتغيرات الجديدة.

يتراود لذهن الكثيرين أن وضع الخطط الاستراتيجية هو أمر مرهق, وتنفيذها أمر مجهد يشل حركة الشركات.

الحقيقة نعم بالفعل هو كذلك إذا كان التخطيط غير مرن, تصور أنك تريد بناء خطة استراتيجية لشركتك لمدة سنة أو سنتين, وتريد أن توضح جميع الخطوات الدقيقة والتفصيلية مع الأرقام والإحصائيات والتوقعات, بداية يلزمك دراسات معمقة وتخطيط دقيق جدا ومن ثم فإن الإلتزام بالخطة ضمن بيئة تحوي على متغيرات كبيرة يوميا وأسواق غير ثابتة مع تزايد وتغير رغبات الزبائن, تصور ذلك معي أخي القارئ, من الواضح أن الخطة مقرر لها الفشل أو ستنجح والفشل حليف الشركة ذات نفسها.

إذا هنا يأتي الحل وهو مكون من شقين:

 

  1. يجب علينا التخطيط ووضع الاستراتيجية بالخطوط العريضة مع شيئ من التفصيل فقط.
  2. يجب أن تبنى الخطة على أساس فتح المجال دوماً للتعديل مع التعلم وتعريف الآليات المناسبة لذلك.

 

كل ما سبق كلام نظري ويفهم مباشرة لمن درس علم إدارة الإعمال, لكن دعنا نتوجه مباشرة للتطبيق العملي, وفي ما يلي الخطوات العملية لبناء خطة مرنة لمشروعك تعينك على التقدم والنمو.

خطة تطويرالمنتج:

بعد أن حصلت على نظرة أولية للسوق, أصبحتَ الآن قادرا على تحديد الملامح الأساسية وبدقة لطبيعة زبائنك ولماذا هم بحاجة لمنتجك أو خدمتك؟ دَوِّن الجوانب الأكثر أهمية في مشروعك على شكل قائمة تضع الأكثر أهمية في الأعلى ومن ثم الأقل أهمية وهكذا.

دوّن الأمور التي ستحتاج القيام بها لتجعل من منتجك منتجا أفضل يحقق القائمة السابقة.

 

    مثال:

بالعودة لمشروعنا الذي تم ذكره سابقا "الموقف الذكي" والذي من مهمته إيجاد المواقف الشاغرة في المدن المزدحمة, تبين لنا فرضا بعد دخول السوق والوصول لهذه المرحلة أن الزبائن غالبا ما يركزون على تكلفة الساعة ولا يهتمون كثيرا إن كان المكان قريبا او بعيدا قليلاً , وأيضا يريدون أن يحدد التطبيق مكان سيارتهم أوتوماتيكيا ويظهر أقرب المواقف الشاغرة, بدلا من البحث اليدوي الذي يتطلب توقف السائق مؤقتا والبحث.

 

إذاً قائمة الأمور الملحة هي:

      - ترتيب المواقف حسب التكلفة أمر مهم,

      - البحث الأوتوماتيكي باستخدام محدد المواقع الجغرافية GPS ,

وهكذا نقوم بملئ القائمة الخاصة بنا بالأمور المهمة واحدا تلو الآخر.

لكي نتمكن من الإيفاء بهذه الميزات كان لابد لنا من التغيير والتعديل والبرمجة, ما سبق هو الخطوات المطلوبة الواجب القيام بها.. وهكذا...

خطة تطويرالربح:

لابد وأنك فهمت من المراحل السابقة أن طريقة تسعيرك ليست بالشكل المطلوب أو غير ملائمة للزبائن أو أنها غير مربحة فعلا, دوّن ما هي أفضل الطرق المناسبة لك ولزبائنك.

الآن أكتب الخطوات أو الآليات التي يجب عليك القيام بها حتى تستطيع تطبيق طريقة التسعير الجديدة.

 

مثال:

لنفترض جدلا أن نموذج التسعير الخاص بنا كان على شكل أخذ عمولة من أصحاب المواقف, لكن لاحظنا أن العمولة الصغيرة مرضية لأصحاب المواقف ولكن غير كافية بالنسبة لنا, كما لاحظنا أن أصحاب السيارات لا مانع لديهم من دفع بضع ليرات لشراء التطبيق.

في حالتنا إن حصلنا على مليون تحميل للتطبيق فهذا يعني مليون عملية شراء وبالتالي فإن المبلغ سيكون كبيراً ولابأس به, وبتالي لكي نصحح أو نعدل نموذج التسعير الخاص بنا يجب القيام بكذا وكذا خطوة وهكذا ...

خطة تطويرالتسويق:

لعله أصبح واضحا كيف يمكننا الوصول بشكل أسرع , أسهل وأقل تكلفة لزبائننا المستهدفين, يجب تحديد طرق التسويق الأكثر نفعا وما يلزمنا لكي نحققها.

مثال:

تبين لنا مثلا أن التسويق المباشر وجها لوجه أفضل من التسويق الرقمي, إذا لابد من البحث وتوظيف مسوقين ذو خبرة وما إلى هنالك.

بالنظر إلى ما سبق, أصبحت الآن تعلم ما يجب القيام به من ناحية:

 

  1. تطوير المنتج.
  2. التكاليف والأرباح المتوقعة.
  3. عدد الموظفين المطلوبين وتدريبهم.
  4. المال المطلوب لتغطية التكاليف.
  5. الوقت اللازم لتحقيق الأهداف المنشودة.
  6. عدد الزبائن الذي يجب الحصول عليه مع كل فترة زمنية.
  7. قائمة المهام المطلوبة ومن المسؤول عن إنجازها.

 

رتب خطة شركتك الاستراتيجية لكي تحقق أهدافك السابقة, مع مراعاة ما يلي:

  • حدد الهدف الأسمى والأعلى لشركتك واستخدمه دائما عندما تحتار في اختيار بين أمرين مربكين, فاختر الأمر الذي يقربك من هدفك أكثر, مثلا هدفنا من تطبيق "الموقف الذكي" توفير الوقت والجهد والوقود في البحث عن المواقف الشاغرة.
  • حدد أوقات دورية لقراءة المتغيرات الجديدة والإنجازات وتعديل الخطة الحالية للشكل الأفضل.
  • خطط – نفّذ – إقرأ النتائج – قيّم – عدل الخطة – أعد الكرة.. وهكذا.
  • كن مرنً في تعاملك, كن واضح ومحدداً في أهدافك.

 

بهذا نكون قد وصلنا لنهاية مرحلة التخطيط الحقيقي, بالنسبة لك كل شيئ أصبح جيد وفي مكانه المناسب, إذا آن الآوان لمهاجمة السوق وفتح الباب على مصراعيه والبيع بالطاقة القصوى ومصارعة المنافسين, هذا ما سنتعرف عليه في المرحلة المقبلة من سلسة "كيف أنقل فكرتي إلى مشروع تجاري مربح"

لتتعرف على منهجية التخطيط المرن في الشركات الناشئة, تابع دورتنا المجانية عن منهجية الأجايل.

دمتم بخير.

(لمتابعة باقي السلسلة، ستجدها في "كيف أنقل فكرتي إلى مشروع تجاري مربح"

 

  • المصادر:
  • خبرتي المتراكمة من إطلاق ثلاث مشاريع ناشئة خلال ست سنوات سابقة وعملي ضمن شركات أخرى منذ 2007.
  • مؤتمرات وندوات وبرامج تعليمية قمت بحضورها.
  • مفاهيم متعددة أخذتها وطبقتها من عدة كتب مثل:
  • Purple Cow/Built to Last/Disciplined Entrepreneurship/The Lean Startup/Personal MBA