لاختيار شريكك في العمل احرص على توافق مبادئكما وأولوياتكما واتفقا على التنازلات التي قد يقدمها كل منكما. انتبه لصفات شريكك فيجب أن يكونا شخصا متواضعا لا يتعالى على الرأي الآخر بل يتسم بالعقلانية أثناء مناقشة مختلف القرارات, كذلك ابحث عن شريك مختلف عنك لكي تضمن وجهات نظر مختلفة تفتح أمامكما آفاقا جديدة لتطوير المشروع.

لا شك أن اختيار شركائك في العمل من أهم القرارات التي ستتخذها في بداية إنشاء شركتك الجديدة وفي إطلاق مشروعك الريادي الناشىء، وإن كتب لشركتك النجاح والازدهار فإن شراكتكما ستدوم طويلاً وستمر في أوقات سعيدة وأخرى حزينة وعصيبة، فاختره بعناية لأن كلفة الانفصال عنه قد تكون شركتك وكل ما عملت لأجله.

الشراكة في المشاريع الناشئة

يحذو الكثير لوصف شراكة العمل بأنها كالزواج، وأنا اتفق مع هذا الوصف، باستثناء أنك ستمضي معه وقتاً أطولاً، وستتخذ معه قرارات أصعب، وفي حين لن ترزقا بأطفال فإنكما ستكونان مسؤولان عن العشرات من الموظفين.

ستختلف خياراتك المتاحة لإيجاد شريك جيد حسب مجال عملك، ففي بعض الاختصاصات قد تجد أمامك العديد من الأشخاص المناسبين لمشاركتك هموم تنفيذ حلم حياتك، وفي بعض المجالات الأخرى قد لا تجد إلا حفنة بسيطة من الأفراد المناسبين، وقد لا تجد جل ما تبحث عنه في الشريك فيهم. وبغض النظر عن مجال عملك يوجد عدد معين من الأمور التي يجب أن تدرسها بعناية قبل الإقدام على اختيار شريك مشروعك.

1. حدد مبادئك الأساسية

أفضل ما يمكنك البدء فيه عند بحثك عن شريك أو موظف مهم في شركتك الناشئة هو مدى توافقه مع مبادئك التي لا تنازل فيها. هذه المبادئ هي أفضل تعبير عن أولوياتك وأهدافك وستملي عليك مستقبلاً طرق اتخاذ قراراتك.

ابتعد قدر الإمكان عن العبارات الرنانة والمنمقة كالصدق والنزاهة والحرفية، هذه أمور مفروغ منها ولن تنجح إن لم تتوفر بك قبل شريكك. وإنما ابحث عن مبادئ أكثر تعبيراً عن طريقة عملك، هل أنت مدمن على العمل أم متوازن، تصالحي أم صدامي، قنوع أم تنافسي شرس. هل تريد إنشاء شركة لبيعها لاحقاً، أم لتنميتها والبقاء على رأسها؟ هل تخطط لنقل شركتك إلى بلد جديد عند نجاحها أم أنك تريد الازدهار حيث أسستها؟

ركّز على المبادئ التي تميّزك عن غيرك، ولا تضع كثيراً من الوقت في البحث عن الكمال، وعزّزها بشريك يشاركك نفس المبادئ لمضاعفة أثر تميزك عن منافسيك. التميز أهم ما سيدفعك للنجاح والثبات في بداية مشوارك الريادي.

2. عرّف حدود مساومتك

بعد أن تتعرف بشكل صريح على مبادئك الرئيسية ابحث عن الأمور التي قد ترضى بتقديم التنازلات عنها، فهي التي ستحدد مدى قدرتك على احتواء شريكك. فعلى سبيل المثال، إن كنت تقيّم الصراحة فعليك أن يتسع صدرك لسماع النقد وعليك أن تتمتع بقدرة عالية على معالجة تبعات صراحة شريكك مع عملائك، وإن كنت تقيّم السرعة في الأداء والتسليم فعليك أن تتحلى بقدرة عالية على مجاراة شريكك في نسق عمله.

التعرّف على حدود قدرتك على المساومة تقتضي أيضاَ تعريف شريكك عنه من أجل أن يحدد ملامح المباح والمحظور في علاقتكما المهنية، كما تقتضي منك القبول بمبادئه وجل ما يعتبره غير قابل للمساومة. وضوح محددات هذه العلاقة في بداية الشراكة ستجنبك العديد من الخلافات المستقبلية، أو ستقلّص مساحات سوء التفاهم على الأقل.

3. قيّم نقاط قوتك وضعفك

الكمال لله، وكلنا كبشر لدينا مكامن قوة ومواضع ضعف. عرفّ نقاط ضعفك بكل صراحة وشفافية، ولا تبالغ في تقدير نقاط ضعفك فتغش نفسك قبل غيرك. رواد الأعمال الأكثر نجاحاً هم من استطاعوا إحاطة أنفسهم بمن يمكنهم من مضاعفة أثر قوتهم وعملوا على تخفيف ضعفهم. اختر شريكاً يحبر ضعفك ويشدد من أزرك.

4. قرر ما هو نوع العلاقات التي ترغب بتكوينها

العلاقات بين شركاء العمل

هل تريد أن تتمتع بعلاقة وطيدة، تشتركان في اتخاذ كافة القرارات الصغيرة منها والكبرى؟ أم تريد شريكاً يقوم بقسطه من العمل وتتبادلان التقارير الدورية كل فترة؟ هل تريد شريكاً يعتمد على ذاته وتثق بقدرته على اتخاذ كافة القرارات اللازمة من أجل إتمام أعماله، أم تريد أن يعتمد عليك؟ كل الإجابات صحيحة، ولكن ككل ما سبق، تقتضي الشراكة السليمة أن توّضح توقعاتك من شريكك بشكل لا لبس فيه في بداية شراكتكما.

5. شارك من يتواضع معك

قد يقتضي مجال عملك أن يتمتع شريكك بثقة بالنفس وبقدرة عالية على إقناع عملائك، ولكن إيّاك أن تشارك من تتسرب ثقته بنفسه إلى خلف جدران شركتك. ينبغي على الشركاء أن يتواضعوا أمام أنفسهم بشكل كبير، وأن يتمتعوا بقدرة فائقة على سماع الآراء المختلفة والجديدة وعلى التكيّف السريع مع مقتضيات عمل الشركات الناشئة. ستكتشف سريعاً بعد إطلاق مشروعك أن كل ما خططه أنت وشريكك قد يتغير عند اختبار الإسقاط على الواقع، قدرتكما العالية على الاعتراف بالخطأ والتواضع أمامه سيعزز من قدرتكما في التغلّب على مفاجآت السوق.

6. شارك النشيط الهُمام

لا يشترط أن تعمل أنت وشريكك 12 ساعة في اليوم وكل أيام الأسبوع من أجل تنجح شركتكم، ولكن الأهم أن تختار شريكاً يوازيك في الجهد المبذول وعلى استعداد على مجاراتك في زيادة ساعات العمل عند الحاجة. تكشف الخبرات السابقة إن أهم أحد أسباب الخلافات التي تنشب بين الشركاء إحساس يتسلل إلى أحدهم بأنه يعمل أكثر من غيره، مما يوّلد لديه مظلومية خانقة قد تؤدي إلى فض الشراكة.

7. اتفق مع شريكك على طرق فض النزاعات ومواجهة المخاطر

فض النزاعات بين شركاء العمل

لا تخلو أي شركة ناشئة من نزاعات داخلية قد تنشب بين الشركاء أو الموظفين أو من الصعاب الخارجية في رحلتها نحو النجاح. تفكيرك المبكر بطرق وأساليب معالجة هذه الصعاب والخلافات ستوّفر على وقتاً ثميناً عند حاجتك للخروج بحلول ناجعة عند وقوعها.

إنفاق الوقت والجهد اللازم للوصول إلى صيغ مشتركة مع شركائك في بداية مشواركم استثمار ناجح وسيضيق من مساحات الخلافات التي قد تنشب معكم في المستقبل. وأفضل نصيحة أسداها من سبقني في ريادة الأعمال هي:اتفّق أنت وشركائك على طريقة فض شراكتكم في نفس اليوم الذي تتفقون على إنشائها. إن تأجيل البت في الأمور الإشكالية والتأسيسية في عملكم لن يزيد الأمورإلّا تعقيداً، إذ تنمو التوقعات منفردةً بشكل مضطرد مع مرور الوقت وستبلغ حداً لم يعد من الممكن التوفيق بينها.

يعد اختيار شريك العمل من الأمور التي يستحسن أن تتخذ وقتك كاملا فيها تجنبا لأي خطأ, لكن في المقابل رحلتك كرائد أعمال تستلزم أن تفشل بسرعة لتتعلم بسرعة, في الواقع يجب عليك الوقوع في بعض الاخطاء في رحلتك الريادية فقط احرص على أن تكون الشراكة خارج لائحة تلك الأخطاء.